Welcome to samer hoom
Translation

أحوال العرب الاجتماعية قبل ظهور الاسلام

أحوال العرب الاجتماعية قبل ظهور الاسلام

الحلقة العاشرة

أحوال العرب الاجتماعية قبل ظهور الاسلام

لا شك أن الإسلام أحدث في حياة العرب تغبيراً جذريا هائلا . ولم يقتصر هذا التغيير على تبديل عقيدتهم الدينية من الوثنية إلى عقيدة التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى . وإنما تناول التغيير كل شئونهم السياسية وأحوالهم الاجتماعية . كما رأينا فقد كانت في الجزيرة العربية حواضر ومجتمعات مستقرة ومنظمة كما هو حال في اليمن , وكانت هناك حياة البدو الرحل كما هو الحال في أقليم الحجاز . وتختلف حياة الحضر عن حياة البدو من وجوه كثيرة ,ففي المناطق التي كانت تتمتع بحياة الاستقرار , ويقوم فيها نظام سياسي يمكن تقسيم المجتمع إلى طبقات . طبقة الملوك والأمراء والحكام وهم في الذروة من المجتمع , ويعيشون حياة الترف والنعيم وطبقة التجار والآثرياء , وهؤلاء وإن كانوا يستطيعون مجاراة الطبقة الأولى في حياة النعيم والتمتع بأطايب
الحياة , إلا أنهم لا يستطيعون مجاراتها في النفوذ والسلطان . وهناك طبقة ثالثة ؛ هي طبقة الفقراء وهؤلاء كانوا في المرتبة الدنيا في السلم الاجتماعي . أما حياة البدو فكانت تتألف من طبقتين رئيسيتين . طبقة السادة ؛ وقي الواقع يمكن اعتبار
العرب كلهم سادة سواء كانوا فقراء أو أغنياء , فالفقر لم يكن ليحد من حرية العربي وسيادته . وإلى جانب طبقة الأحرار كانت هناك طبقة العبيد والخد م . وكان الأغنياء من العرب يملكون أعداداً كبيرة من العبيد والخدم يسخرونهم في خدمتهم ويستعملونهم في تجارتهم . وهؤلاء ظلوا مغلويين على أمرهم حتى جاء الإسلام , ورفع من شأنهم ؤدعا إلى المساواة المطلقة بين البشر , فالناس جميعاً أمام الله سواء أكرمهم عند الله أتقاهم , ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى , وهذا المبدأ ؛ مبدأ المساواة من أعظم المبادئ التي جاء بها الإسلام , بل لعله المبدا الذي من أجله وقفت قريش بضراوة في وجه الدعوة الإسلامية , ولم تستسغ أن يسوي الإسلام بين السادة والعبيد , ولكن انتصرت إرادة الله فى النهاية , وهزمت قريش واستسلمت وقبلت الآمر الواقع الذي أراده الاسلام .
هذه الحياة البدوية التى كان يحياها البدو فى صحرائهم كانت لها مميزات كثيرة ؛ فمن مميزاتها إلى جانب الحرية الفردية التي كان يتمتع بها العربي ؛المحافظة على النسب ,فالرجل العربي نسبه صريح غير مجهول وكذلك لغته سليمة وفصيحة , لأنه قليل الاختلاط بغيره .

ومن سمات الحياة البدوية العصبية والتعصب للقبيلة , فالشىء الذي لا يقبل المناقشة من وجهة نظر العربى هو انحيازه للقبيلة وشعاره دائما : أنصر أخاك ظالما أو مظلوماً .
وكانت تشيع في المجتمع العربي البدوي مجموعة من العادات والتقاليد , بعضها جميل ومحمود أبقى عليه الإسلام ودعمه وباركه ,وبعضها قبيح ومرذول حاربه وقضى عليه .
ومن العادات الحميدة عند العرب ؛ الكرم, فالكرم صفة إنسانية محمودة في كل مجتمع إنساني في كل زمان ومكان . فالعربي كان يجود بأغلى ما عنده لإكرام ضيفه . وأخبار الكرماء من العرب أمثال حاتم الطائي لا زالت تضرب بها الأمثال .
وكان العرب في البادية من شدة تعلقهم بالكرم يوقدون النيران أمام بيوتهم بالليل ليهتدي بها السائرون والأغراب, الذين قد يكونون في حاجة إلى الطعام والضيافة . وكان الكرام من العرب يقتدون نوعاً من الكلاب يدربونها على هداية الضيوف إلى بيوتهم . وكان الكلب الذي يأتي بضيف إلى صاحبه يكافأ على ذلك بنصيب إضافي من اللحوم التي تذبح للضيوف ؛, وكان العرب
فخرون بهذا النوع من الكلاب ويقولون فيها الشعر ومن ذلك قول الشاعر في وصف أحد هذه الكلاب :

 عوى فى سواد الليل بعد اعتسافه...لينبح كلب أو يفزع نوم
فجاوبه مستسمع الصوت للقرى ...له عند إتيان المسنتين مطعم
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلا... يكلمه من حبه وهو أعجم

فهذه الصفة , صفة الكرم من الصفات التي يحبها الله ورسوله .
ومما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم في مدح الكرم والكرماء قوله : « أغفروا زلة السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر وفاتح عليه كلما افتقر,, . ومما يروى في الحديث القدسى أن الله تعالى عندما خلق جنة عدن نظر إليها فقالت : قد أفلح
المؤمنون » فقال الله تعالى : « وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل » .
ومن عادات العرب الجميلة النجدة وإغاثة الملهوف ,وتفريج كرب المكروب , ولهم في ذلك قصص نادرة .
إلى جانب هذه العادات الجميلة كانت تشيع في المجتمع البدوي عادات قبيحة ومرذولة , جاء الإسلام ليحاريها ويقضى عليها , من هذه العادات القببحة وأد البنات ,أى قتلهن بدون سبب, كما قال الله تعالى ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) . وفي الواقع كان بعض العرب ينفر من إنجاب البنات , ويعتبره نكبة وعارا يهرب منه ,وقد نعى القرآن الكريم عليهم ذلك ,واعتبره من عاداتهم السيئة التى يجب التخلي عنها ودلك في قوله تعالى :

(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ (58) يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ(59))سورة النحل ))


ولكن للحقيقة نقول أن احتقار المرأة وعدم الاهتمام بها لم يكن عاما بين العرب , بل كان شائعاً بين قبائل معينة , وكان للمرأة فى بعض القبائل مكانة كبيرة , والعربى بطبعه يحرص على العرض ويذود عن شرفه يكل ما يملك, ومن اعتزازهم بالمرأة كانوا يأخذون النساء معهم فى الحروب حتى يتذكر المحارب أنه إن انهزم فإن نساءه سيقعن فى يد العدو .فعندئذ تثور نخوته
ويستبسل فى القتال دفاعاً عن حريمه وعرضه . كذلك كانت بعض القبائل تعطى المرأة حريتها في اختيار زوجها وهو وضع أرقى بكثير ما يحدث فى مجتمعناالحاضر, حيث يعتبر بعض الناس أن مشاورة البنت عند تزويجها عيب لا يصح.هذه جملة من أحوال العرب الاجتماعية قبل الاسلام نكتفي بها لضيق المكان.

Share the post

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الديكوروالمنزل
اعلان
تصنيفات
اعلان