Welcome to samer hoom
Translation

السيرة النبوية وأحوال العرب الثقافية قبل الاسلام

السيرة النبوية وأحوال العرب الثقافية قبل الاسلام

السيرة النبوية وأحوال العرب الثقافية قبل الاسلام

الحلقة الحادية عشر

أحوال العرب الثقافية قبل الاسلام(1)

على الرغم من أن أغلبية العرب كانوا أمة أمية , لا تعرف القراءة والكتابة ,فقد كان لديهم قدر لا بأس به من المعلومات العامة,فهم كتجار لم
يكونوا مقطوعى الصلة بالعالم الخارجي ,وإنما كانت لهم رحلاتهم التحارية

التى كانت تستغرق وقتا طويلاً , فكانوا يعرفون الكثير عن البلاد التي كانوا يتصلون بها تجاريا , مثل الشام والعراق . فضلا عن أن قدرا كبيراً من الثقافات الأجنبية قد تسرب إلى شبه الجزيرة العربية ,مثل الثقافة الفارسية والثقافة اليونانية . فالثقافة الفارسية تسربت عن طريق إمارة الحيرة العربية, وتسربت الثقافة اليونانية عن طريق الشام . وكان بعض طلاب العلم من العرب يذهبون ‏ إلى معاهد العلم الأجنبية ليتعلموا فيها . فتروي المصادر العربية أن الحارث بن كلدة الطبيب العربي المشهور الذي ظل على قيد الحياة حتى ظهور الإسلام .
وكان يعالج بعض الصحابة عند مرضهم ‏ يروى أن هذا الطبيب قد تلقى
علومه الطبية في مدرسة جند يسابور الفارسية ,وفي هذه المدينة كانت هناك أكاديمية طبية يدرس فيها الطب اليوناني ممتزجاً بالطب الفارسي والطب الهندي ؛ فكون طبيب عربي يتخرج في هذه الأكاديمية على هذا النحو , يدل على أن العرب لم يكونوا مقطوعي الصلة بالعالم الخارجي .
وهناك قدر من المعلومات العلمية اكتسبه العرب بالخبرة والتجربة ؛
وبدافع الحاجة . فكان لديهم قدر طيب من المعلومات العامة في الفلك
والجغرافيا . لأنهم ومعظمهم بدو رحل كانوا في أشد الحاجة إلى معرفة
جغرافية الأماكن التى ينزل فيها المطر ومواسم نزوله , وهذا أدى بهم إلى معرفة مواعيد هبوب الرياح واتجاهاتها . وهذا لا يتأتى إلا إذا كان لديهم بعض المعلومات عن الفلك والحغرافيا .. كما أن حاجة العرب إلى السير في الصحراء , ومعرفة طرقها ومسالكها جعلهم يعرفون الكثير عن مواقع النجوم التي تهدي السائرين في الصحراء . ومن يتصفح أي ديوان من دواوين الشعر العربي القديم يجد الكثير من المعلومات الفلكية والجغرافية التي عرفها العرب بالخبرة والتجربة .
وهناك لون من المعارف امتاز به العرب عن غيرهم , وهو معرفة
الآنساب , فالعربي الذي يعتز بنسبه وحسبه كان يهتم بمعرفة أنساب القبائل العربية وأصولها وفروعها , وهذه المعلومات أصبحت أساساً لفرع كبير من فروع التاريخ الإسلامي , وهو علم الأنساب . ومن شدة تعلق العرب بمعرفة الأنساب فإنهم لم يكتفوا بمعرفة أنساب البشر , وإنما اهتموا كذلك بمعرفة أنساب بعض الحيوانات , وبضفة خاصة أنساب الخيل ,وهناك مؤلفات عن أنساب الخيل لا زالت موجودة لدينا (2) . أما الميدان الذي تفوق فيه العرب ‏وأصبحوا فرسانه الذين لا يبارون فهو ميدان الفصاحة والبلاغة , فالعربى كان فصيحاً بطبعه بليغاً بفطرته , دون أن يتعلم في مدرسة أو جامعة ,وكان ينطق لغته بطريقة سليمة . وأكبر دليل على تفوق العرب في ميدان الفصاحة والبلاغة هو نزول القرآن الكريم بلغتهم . فالمعروف أن القرإن الكريم هو قمة البلاغة
والفصاحة ,ولو لم يكن العرب مؤهلين لفهمه وتدبر معانيه لما نزل بينهم
وبلغتهم . ولا يخفى أن كثيرين منهم أسلموا متأثرين ببلاغة القرآن مأخوذين بروعة معانيه . وهذا يفسر أنهم كانوا أهلا لأن يفهموه ويعقلوا معانيه وهذه أكبر شهادة لهم بأنهم أهل فصاحة وبلاغة .
والشعر العربي هو الميدان الذي برع فيه العرب . والشعراء في الآمة
العربية لا يعدون بالمئات ,بل يعدون بالألوف . وكانوا يحتفلون بهذا اللون من ألوان الأدب احتفالا كبيراً . وكان ظهور شاعر فى قبيلة يعتبر حدثا كبير تحتفل به القبيلة , وتعلق عليه الآمال الكبار , ليرفع شأنها ويعلن مآثرها ويعلي ذكرها : ويفخر بأمجادها وأنسابها وأحسابها .
وكانت القبائل الأخرى ترسل وفودها لتهنئة القبيلة التي ظهر فيها شاعر .
والشعر العربي إلى جانب كونه لون راقياً من ألوان الأدب العربي , فهو
أكبر مصدر بعد القرآن الكريم لمعرفة الحياة العربية بكل -خصائصها ومظاهرها.

ولعناية العرب بالشعر,كنقده ومعرفة جيده من رديئه , كانوا يقيمون
الأسواق الأدبية التى يتبارى فيها الشعراء , ويحاول كل منهم أن ينشد أجود ما عنده , وكانت هناك لجان للتحكيم ,تحكم بين الشعراء والأدياء , وكانت القصائد التى تفوز وتحوز الإعجاب يتناقلها الناس ويشيدون بذكر صاحبها . .
ومنها ما كان يعلق فى الكعبة وهي المعلقات المشهورة . وهناك أسماء لامعة في مجال الشعر العربي مثل امرئ القيس , وزاهير بن أبي سلمى, والأعشى , ولبيد وغيرهم(3)
______________________________________________________

(1)لمعرفة المزيد عن أحوال العرب الثقافية قبل الاسلام ,انظر:كتاب أصالة الحضارة العربية للدكتور ناجي معروف ص113وما بعدها.

(2)مثل أنساب الخيل لابن الكلبي

(3)انظر :سوق عكاظ فى الجاهلية والاسلام ,للدكتور ناصر بن سعيد الرشيد ,ص 40وما بعدها.

Share the post

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الديكوروالمنزل
اعلان
تصنيفات
اعلان