Welcome to samer hoom
Translation

الحالة الدينية عند العرب قبل الاسلام

الحالة الدينية عند العرب قبل الاسلام

الحالة الدينية عند العرب قبل الاسلام (1)

الحلقة الثانية عشر

الدين شىء فطرى وطبيعى فى حياة الانسان ،والشعوب البدائية عندما كانت لا تهتدى إلى الدين حقيقى فإنها كانت تخترع أديانآ تتعبد بها لترضى غريزة التدين فيها،وكانوا يتجهون إلى الاشياء التى يظنون أن لها قوة فوق قوة البشر ،مثل الظواهر الطبيعية والكواكب والافلاك ،وكذلك بعض الحيوانات ،ويتخذون منها آلهة يعبدونها لشعورهم بأنها أقوى منهم.

والعرب ليسوآ بدعآ من الامم فى هذا الشان ،بل يعتبرون من أوائل الامم التى عرفت الدين،لا الدين الخرافى فقط بل الدين الحقيقى السماوى.
وعرفوا عبادة الله الواحد الاحد ،من خلال الرسالات السماوية التى جاءتهم على أيدى رسل منهم(2).كما عرفوا عبادة الاصنام أيضا بدليل رد قوم هود عليه بقولهم:(أجئتنا لنعبد الله وحده ونذكر ما كان يعبد آباؤنا)

وانقطعت الرسالات السماوية عن العرب فترة طويلة ،حتى اذا جاء إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام،وإذا كان إبراهيم قد عاش معظم حياته فى فلسطين ،فإن إسماعيل عليه السلام قد عاش حياته كلها فى مكة ،وأدى رسالته إلى العرب الذين آمنوا بها فى حينها .

ولكن بمرور الزمن تحولوا عنها إلى الوثنية مرة أخرى .ويروى أن السبب فى انتشار الوثنية فى بلاد العربى يرجع إلى شخص يسمى عمرو بن لحى الخزاعى ،الذى كان سادن الكعبة .فيقال إنه قام بزيارة الى الشام،فوجد عبادة الاصنام منتشرة هناك ،ولما سألهم عنها قالوا :آلهة نستسقى بها المطر ،ونستنصر بها على العدو .فطلب منهم أن يعطوه منها فأعطوه ،فحمل هذه الاصنام وعاد بها إلى مكة ونصبها حول الكعبة وجعل الناس يقدسونها ،وكان هذا بداية لدخول الوثنية من جديد إلى قلب الجزيرة العربية .

ومن أشهر الأصنام عندهم:-

هبل:وهو عبارة عن صنم على صورة إنسان من العقيق الاحمر،وقد كسر ذراعه فأبدلته قريش ذراعآ من ذهب،ويعتبر هبل كبير الآلهة وكان موجودآ بجوار الكعبة .
اللات:وهى الاله المقدس عند ثقيف بالطائف ،وهى عبارة عن صخرة مربعة الشكل وكانت تتفوق على جميع الألهة عندهم .
العزى:كانت تعبد فى الحجاز ،وتحتل المركز الثانى فى القداسة بعد هبل عند قريش.
مناة:وكان العرب جميعآ يعظمونه، وكان الاوس والخزرج سكان المدينة بصفة خاصة يقدمون له القرابين .وكان يوجد على ساحل البكر الاحمر بين مكة والمدينة
ود:وهو عبارة عن تمثال رجل عظيم،معه أدوات الحرب وكان يوجد بدومة الجندل ،وتقدسه قبائل كلب وقضاعة .
سواع:وكان إلها بأرض ينبع لهذيل.
يعوق:بارض الطائف وتقدسه طىء ومذجح.
يغوث:باليمن وكانت تقدسه همدان.
نسر:وكان باليمن أيضا وكانت تقدسه حمير .

والغريب أن هذه الالهة الخمسة كانت تعبد وتعظم منذ عهد نوح عليه السلام ووردذكرها فى سورة نوح فى قوله تعال :( قال نوح رب إنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارآ(21) ومكروا مكرآ كبارآ(22)وقالوا لاتذرن ءالهتكم ولاتذرن ودآ ولا سواعآ ولا يغوث ويعوق ونسرآ){الايات 21_23}
وهذا يدل على أن العرب كما عرفوا عبادة الله الواحد الاحد من قديم الزمان،عرفوا كذلك عبادة الاصنام منذ أجيال سحيقة .

ومع انتشار الأصنام فى شبة الجزيرة العربية هذا الانتشار الواسع ،إلا أن هناك مظاهر تدل على أن العرب لم يكونوا يعتقدون اعتقادآ حقيقيآ جادآ بها .
والقرأن الكريم أشار إلى مايفهم منه ذلك المعنى فى قوله تعالى :( مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )الاية 3 مز سورة الزمر.
بل أن الاكثر من ذلك أن بعض العرب كانوا يزدرون هذه الاصنام،بل ويحتقرونها. فيروى أن بعض العرب كان يقدس صنمآ ..وذات صباح ذهب إليه فوجد ثعلبآ قد بال على رأسه .فأنشد قائلا:-
أرب يبول الثعلبان برأسه……تبآ لرب بالت عليه الثعالب .
ويروى كذلك أنه كان لكنانة صنم بساحل جدة يقال له سعد،فأقبل رجل منهم بإبله عند هذا الصنم ليتبرك به،وكان على الصنم أثر دماء،فلما رأت الابل أثر الماء نفرت وتفرقت ،فغضب الرجل من الصنم وأنشد يقول:-
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا …….فشتتنا سعد فلانحن من سعد
وهل سعد إلا صخرة لا قوى لها ….ترجى فلا تدعى لغى ولا رشد

وسط هذا الظلام الدامس،وهذه الوثنية الضاربة أطنابها فى شبة الجزيرة العربية .كان هناك مجموعة من عقلاء العرب احتفظوا بتوازنهم العقلى ،ولم يعبدوا هذه الاصنام،وكانوا يرثون لحال قومهم الذين غرقوا حتى قمة رؤوسهم فى عبادة أصنام صماء لاتسمع ولاتبصر ،لا تضر ولا تنفع.وكان هؤلاء العقلاء على بقية من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ،ولكنهم لم يعرفوا الطريق الصحيح لعبادة الله الواحد الاحد.فاكتفوا برفض عبادة الاصنام ،حتى تدركهم عناية الله برسول ينير لهم طريقهم إلى الله .هؤلاء الرجال هم الذين سموا بالحنفاء .تطرق لهم الحلقة القادمة ..

————————————————————-

1)أنظر أصالة الحضارة العربية ،مرجع سبق ذكره،ص119 ومابعدها .
2)سبق أن تحدثنا عن رسالات هود وصالح عند حديثنا عن عاد وثمود.

Share the post

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الديكوروالمنزل
اعلان
تصنيفات
اعلان